يُعد الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان أحد أبرز العلماء في المملكة العربية السعودية والعالم الإسلامي في العصر الحديث، ومن الشخصيات البارزة في مجال الدعوة والفتوى والتعليم الشرعي. عُرف بعلمه الغزير، ومنهجه الراسخ القائم على التمسك بالكتاب والسنة، وساهم بشكل كبير في نشر العقيدة الصحيحة وتعليم العلوم الشرعية لطلاب العلم في مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
نشأته وبداياته العلمية
وُلد الشيخ صالح الفوزان عام 1354هـ في بلدة الشماسية التابعة لمنطقة القصيم، ونشأ في بيئة محافظة تهتم بالعلم والدين. بدأ تعليمه بحفظ القرآن الكريم وتعلم القراءة والكتابة على أيدي مشايخ بلدته، ثم التحق بالمدارس النظامية عند افتتاحها في المنطقة، حيث أكمل تعليمه الابتدائي في المدرسة الفيصلية بمدينة بريدة.
بعد ذلك التحق بالمعهد العلمي في بريدة، وكان من أوائل طلابه، ثم انتقل إلى العاصمة الرياض ليتابع دراسته الجامعية في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتخرج منها عام 1381هـ. واصل الشيخ دراسته العليا حتى حصل على درجة الماجستير ثم الدكتوراه في الفقه، حيث تناولت أبحاثه قضايا فقهية مهمة أظهرت عمق فهمه ودقته العلمية.
حياته العلمية والعملية
بدأ الشيخ صالح الفوزان حياته العملية مدرسًا في المعهد العلمي، ثم انتقل للتدريس في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كما تولى التدريس في الدراسات العليا بكلية أصول الدين والمعهد العالي للقضاء. تميز في أسلوبه العلمي الواضح وقدرته على تبسيط المسائل الشرعية المعقدة لطلابه، مما جعله من أبرز العلماء المؤثرين في مجاله.
وتقلد الشيخ العديد من المناصب العلمية المهمة، منها عضويته في هيئة كبار العلماء، وعضويته في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، إضافة إلى كونه عضوًا في مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي. كما يشرف على العديد من البرامج الإذاعية والدروس العلمية، وله إسهامات كبيرة في التوجيه والإرشاد الدعوي.
منهجه العلمي والفكري
يتبع الشيخ الفوزان المنهج السلفي القائم على التمسك بالكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، ويدعو إلى تصحيح العقيدة ونبذ البدع والخرافات. تميز بالوضوح في الطرح والثبات على المبدأ، مع الحرص على إيصال العلم بأسلوب معتدل يجمع بين الحزم والحكمة. ويرى أن العلم الشرعي هو الأساس في إصلاح المجتمعات وتحقيق الاستقامة في الدين والدنيا.
كما اهتم الشيخ بالقضايا الفكرية المعاصرة، وشارك بآرائه في عدد من المسائل التي تواجه الأمة الإسلامية، محذرًا من الغلو والتطرف، وداعيًا إلى الوسطية والاعتدال، والرجوع إلى العلماء الموثوقين في الفتوى والبيان.
مؤلفاته وإسهاماته العلمية
أثرى الشيخ الفوزان المكتبة الإسلامية بعدد كبير من المؤلفات والدروس التي أصبحت مراجع مهمة لطلاب العلم والباحثين. من أبرز مؤلفاته: شرح كتاب التوحيد، والملخص الفقهي، والإرشاد إلى صحيح الاعتقاد، وشرح نواقض الإسلام، وغيرها من الكتب التي تجمع بين العمق العلمي وسهولة الأسلوب. كما ألقى العديد من الدروس والمحاضرات في المساجد والجامعات، وشارك في المؤتمرات العلمية داخل المملكة وخارجها.
مكانته وأثره
يحظى الشيخ الدكتور صالح الفوزان بمكانة علمية كبيرة داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، حيث يُعد من العلماء الذين أسهموا في ترسيخ المفاهيم الشرعية الصحيحة، وتخريج جيل من طلاب العلم الذين واصلوا مسيرة الدعوة والتعليم. وقد عُرف عنه الزهد والتواضع، وحبه للعلم ونشره، وحرصه الدائم على خدمة الدين والمجتمع.
خاتمة
يُعتبر الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان نموذجًا للعالم الراسخ في العلم، الذي جمع بين التعليم والتأليف والدعوة والإفتاء، وظل طوال حياته مثالًا للعطاء العلمي والالتزام بالمنهج الشرعي الأصيل. ولا يزال أثره العلمي والفكري ممتدًا عبر مؤلفاته وطلابه ومحاضراته التي تنير طريق الباحثين عن الحق والعلم النافع.